يا نسمة الريح مِن بين الرياحينِ حيي الرُصافة عني ثم حَيّيني
ان لم تمري على ارجاءِ شاطِئها فلَيتَ لم تحملي نشراً لدارين
لا تَعبَقي أبداً إلاّ مُعطّرةً ريانةً بشَذَى وردٍ ونِسرين
أهديت لي ذكرَ عَصرٍ قد حَييت به من عَلَّم الريحَ أن الذكرَ يُحييني
حيثُ الزمانُ وَريقُ العودِ رَيّقه والدهرُ دَهرُ صباباتٍ تواتيني
معي من الصحب يسعى كلُّ مُقتَبِلٍ نَضْرِ الشباب طليقِ الوجهِ ميمون
خالٍ من الهَمّ لو لامَسْتَ غُرَّته أعداكَ واضحُ تَهليلٍ وتَحسين
ولي الى الكرخِ من غربيِّها طَرَب يكادُ ُمن هِزَّةٍ للكرخِ يرميني
حيث الضفافُ عليها النخلُ متِّسقٌ تنظيمَ أبيات شعرٍ جدِّ موزون
وللنسيم استراقٌ في مرابعها للخطو مَشْيٌ ثقيلُ القيد موهون
يا ربةَ الحسن لا يُحصَى لنَحصِره وصفٌ فكلُ معانينا كتخمين
والله لو لا ربوعٌ قد ألِفتُ بها عيشَ الأليفينِ أرجوها وترجوني
وان لي من هوى أبنائها نَسَباً دونَ العشيرة للأصحاب يَنميني
لاخترتُها منزلاً لي أستظلُّ به عن الجنان وما فيهن يُغنيني
لخبَّرت كيفَ شوقُ الهائمين بها وكيفَ صَفْقُ عذولي كفَ معبون
اخوانُنا حيث راقَ الجَسرُ وانتظَمَتْ الى مغانيكم أنفاسُ مَحزون
فالشمس كل بروج الافق تصحبها سيراً وتسري الى برج بتعيين
سقاكُمُ ريِّقٌ من صَوب غاديةٍ ينهلُّ عن عارض بالبشرِ مقرون
لا تحسبوا أن بُد الدارِ يُذهلني عنكم ولا قِصرَ الأيامِ يُنسيني
ضِقتُمْ قلوباً لما ضمَّتْ جوانحُنا لو كانَ يسمَحُ في نشر الدواوين
ذاوي النبات هشيماً لستُ آمنَ من ريح الصَّبا أنها جاءت لتذروني
خلِّ الملامةَ في بغدادَ عاذلنتي علامَ في شم رَوح الخُلد تَلحيني
هل غيرُ نَفسٍ هَفَت شوقاً لمالئها شوقاً ، يصعِّد بين الحين والحين
أما النسيمُ فقد حَملتهُ خَبَراً غيرُ النسيم عليه غيرُ مأمون
ما سرَّني وفنونُ العلم ذاويةٌ أنَّ الأفانينَ لُفَّتْ بالأفانين
ولا الربوع وان رقَّ النسيم بها إن كان من خَلفها أنفاسُ تِنّين
هيهاتَ بعد رشيدٍ ما رأت رَشداً كلا ولا أمِنَت من بعد مَأمون
أما اللسانُ فقد أعيا الضِرابُ به وكان جِدَّ رهيفِ الحدِّ مَسنون[list][*]